سورة الأنعام - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آَيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (37)}
{لَوْلاَ نُزّلَ عَلَيْهِ ءايَةٌ} نزل بمعنى أنزل. وقرئ: {أن ينزل} بالتشديد والتخفيف. وذكر الفعل والفاعل مؤنث. لأن التأنيث آية غير حقيقي، وحسن للفصل. وإنما قالوا ذلك مع تكاثر ما أنزل من الآيات على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتركهم الاعتداد بما أنزل عليه، كأنه لم ينزل عليه شيء من الآيات عناداً منهم {قُلْ إِنَّ الله قَادِرٌ على أَن يُنَزّلٍ ءايَةً} تضطرهم إلى الإيمان. كنتق الجبل على بني إسرائيل ونحوه، أو آية إن جحدوها جاءهم العذاب {ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} أن الله قادر على أن ينزل تلك الآية، وأن صارفاً من الحكمة يصرفه عن إنزالها.


{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38)}
{أُمَمٌ أمثالكم} مكتوبة أرزاقها وآجالها وأعمالها كما كتبت أرزاقكم وآجالكم وأعمالكم {مَّا فَرَّطْنَا} ما تركنا وما أغفلنا {فِى الكتاب} في اللوح المحفوظ {مِن شَيْء} من ذلك لم نكتبه ولم نثبت ما وجب أن يثبت مما يختص به {ثُمَّ إلى رَبّهِمْ يُحْشَرُونَ} يعني الأمم كلها من الدواب والطير فيعوضها وينصف بعضها من بعض، كما روي: «أنه يأخذ للجماء من القرناء»، فإن قلت: كيف قيل: {إِلاَّ أُمَمٌ} مع إفراد الدابة والطائر؟ قلت: لما كان قوله تعالى: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأرض وَلاَ طَائِرٍ} دالاً على معنى الاستغراق ومغنياً عن أن يقال: وما من دواب ولا طير، حمل قوله: {إِلاَّ أُمَمٌ} على المعنى، فإن قلت: هلا قيل: وما من دابة ولا طائر إلا أمم أمثالكم؟ وما معنى زيادة قوله: {وفِى الأرض} و{يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} قلت: معنى ذلك زيادة التعميم والإحاطة، كأنه قيل: وما من دابة فقط في جميع الأرضين السبع، وما من طائر قط في جو السماء من جميع ما يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم محفوظة أحوالها غير مهمل أمرها.
فإن قلت: فما الغرض في ذكر ذلك؟ قلت: الدلالة على عظم قدرته، ولطف علمه، وسعة سلطانه وتدبيره تلك الخلائق المتفاوتة الأجناس، المتكاثرة الأصناف، وهو حافظ لما لها وما عليها، مهيمن على أحوالها، لا يشغله شأن عن شأن، وأنّ المكلفين ليسوا بمخصوصين بذلك دون من عداهم من سائر الحيوان.
وقرأ ابن أبي عبلة: {ولا طائر}، بالرفع على المحل، كأنه قيل: وما دابة ولا طائر.
وقرأ علقمة {ما فرطنا} بالتخفيف.


{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (39)}
فإن قلت: كيف أتبعه قوله: {والذين كَذَّبُواْ بئاياتنا}؟ قلت: لما ذكر من خلائقه وآثار قدرته ما يشهد لربوبيته وينادي على عظمته قال: والمكذبون {صُمٌّ} لايسمعون كلام المنبه {وَبُكْمٌ} لا ينطقون بالحق، خابطون في ظلمات الكفر، فهم غافلون عن تأمل ذلك والتفكر فيه، ثم قال إيذاناً بأنهم من أهل الطبع {مَن يَشَإِ الله يُضْلِلْهُ} أي يخذله ويخله وضلاله لم يلطف به، لأنه ليس من أهل اللطف {وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ على صراط مُّسْتَقِيمٍ} أي يلطف به لأنّ اللطف يجدي عليه.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12